الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله حق حمده ، و الصلاة و السلام على نبيّه و عبده ، وعلى آله
وصحبه من بعده ، و على كافة أتباع هديه و رشده ، وبعد :
فإن الله فرض على عباده المؤمنين فرائض تقوّم سلوكهم ، وتنير طريقهم ، و تحفظ أمنهم ، و تهذّب أخلاقهم ، و هي في مجملها وبمجموعها لو أديّت على أكمل وجه فلن تزيد في ملكه شيئا ، و لو تركت بالكليّة ، فلن تنقص منه شيئا ، بل حسن أدائها يعود بالنفع على فاعله ، و يتعداه إلى من حوله ، بل قد يصل إلى الكون بأسره ، وتلك درجات في الكمال تختلف باختلاف أداء هذا الفرض أو ذاك ، وفي المقابل فإن سوء أدائها يعود بالضرر على النحو السابق ،،، { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها ... } الآية .
ومن أعظم هذه الفرائض و أجلها فريضة الصلاة ، فهي أول الأركان العملية ، و ثانيها في الإجمال بعد الشهادتين ، وهي عمود الدين وفيصله ، وكما لم يحض الكتاب و السنة على فرض حضهما عليها ، كذلك لم يشددا على ترك ، تشديدهما على تركها .
و الصلاة ليست مجرد حركات جسدية ، بل هل رحلة روحية تنقل صاحبها من الدون إلى العلوّ ، من الملأ الأدنى إلى الملأ الأعلى .
وهي قرة عين المؤمنين و في مقدمتهم الأنبياء و المرسلين ،،،
و تشرفت بالتكريم من البرّ الكريم و رسوله الرحيم ، منذ فرضها ، فقد فرضت في رحلة التكريم لنبيّ الأمة حيث الملأ الأعلى ، وكانت مسك الختام لوصايا الرسول الأعظم صلوات الله و سلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
و عبادة هذا شأنها ، حريّة بقوّة التأثير ، و سرعة التغيير في سلوك صاحبها إن هو أداها كما هي ، وقد كانت كذلك ، وشرعت من أجل ذلك ، و شهد الكتاب و السنة على ذلك فقد قال الله في ذلك :
{ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر } ، وجاء في سنة نبيه ما يدل على ذلك ( أرأيتم إن كان على باب أحدكم نهر يغتسل منه كل يوم وليلة خمس مرات ، أيبقى من درنه ـ أي من وسخ جسده ـ شيء ؟ ، قالوا لا يا رسول الله ، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا )
ولكن وعلى الرغم من ذلك كله نجد في واقعنا قولا و فعلا غير ذلك ، فتجد الرجل يؤم المسجد في كل فرض ، ولكنه لا يكاد يغادر عتبة المسجد حتى يصير شيطانا يعيث في الأرض الفساد ، و يجوس في حقوق العباد ، بل ينحط الحال ببعضهم فيفعل شيئا من ذلك وهو لا يزال تحت سقف المسجد !
فلماذا كل هذا يا ترى ؟؟؟!!! .
هل شاخت الصلاة ؟! هل فقدت فاعليتها بفعل الزمن ؟ فأضحت لا تؤثر في المصلين !!!
أم تغيرت الأرض و فسد الكون حتى صار تربة لا تُنبت بماء الصلاة ؟!
أم أن سلالة الإنسان تطورت حتى تولّد لديها واقيا لا يؤثر في التكبير و الترتيل و التسبيح و التهليل و التقديس للحق تعالى ؟!!
الحق ، و ايم الحق ، ان أياً من هذه الفرضيات لا يمت إلى الحق بصلة .
فما هي إلا معاذير واهية يتعلل بها إما خامل متهاون بحق الصلاة ، أو عدو للدين يسعى إلى سلب أهل الإسلام آخر ما لديهم من عوامل القوة و الريح .
بل الحق الذي لا مرية في إن الصلاة ستبقى حية مؤثرة ، و الكون و أهله سيبقون متأثرين بها ، ولكن متى و أين ؟ ! .
إن سألتني عن ذلك فأقول :
عند أهلهـــــــــا ، و عندما يؤدنها حق الأداء ، و يقيمونها حق الإقامة .
فلا تجد نصا شرعيا قرآنيا أو نبويا يأمر المكلفين بـ ( فعل الصلاة ) ، بل يأمرهم بـ ( إقامة الصلاة ) و إقامة الصلاة درجة و منزلة لا يصل إلى مقامها أيّ فاعل لأفعال الصلاة ، بل يصلها ( المحافظون ) على الصلاة ، ( الخاشعون ) في الصلاة .
فهل ترغــــــــــــــب أن تكون منهم ؟ .
لا أظنك تتردد في ذلك ، فإن أردت فما عليك إلا تجنب كثيرا من ( أفعـــــــــــــــــــال ) من ( يدّعون ) الصلاة ، فهي محض أخطاء و عين ضلال ، بغض النظر عن حجمها في أعين ( فاعليها ) ، ولكنها تؤدي إما إلى نسف صلاتهم أو جعلها في مهب الريح معرضة للنسف و لطم و جوههم بها .
فهل علمت ما هي هذه ( الأفعال ) التي قد يظنها فاعلها من لب الصلاة ؟.
إن كنت لم تعلم فهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ أفعال تصدر عن اللسان ، و سنعبر عنها بـ ( الأخطاء القولية ) .
2 ـ أفعال تصدر عن الجنان ، و سنعبر عنها بـ ( الأخطاء القلبية ) .
3 ـ أفعال تصدر عن بقية الجوارح ، وسنعبر عنها بـ ( الأخطاء الفعلية ) .